يقف كثير من الطلَّاب والطالبات سنوياً بعد انتهاء المرحلة الثانوية أمام مُفترق طرق واختبارٍ مُهم يُحدد معالم المستقبل العلمي والمهني لكلِّ شخص إلى حدٍّ كبير، ويقف كل طالب وطالبة أمام امتحانٍ جديد يتمثَّل بضرورة اختيار التخصص الدراسي الجامعي فيما يُعتبر غالباً “أول قرار صعب ومصيري يواجه الإنسان في حياته” ويبدأ كلُّ شخص بعد ذلك بتحمل نتيجة قراراته بنفسه.
إذا كُنت قريباً من اتخاذ القرار الصعب أو تعرف أحداً يقترب منه، كلمة دوت أورج توضح لك مجموعة من النقاط التي تجعلك قادراً على اختيار التخصص المُناسب أو مساعدة من تحبهم على فعل ذلك.
أهمية اتخاذ القرار
يميل كثير من الطلاب والطالبات، وحتى كثيرٌ كم الكبار بالسٍن إلى التهرُّب من تحمل مسؤولية “اتخاذ القرارات” والاعتماد على من يثقون بهم من الأهل أو الأصدقاء، وهذا الأمر ينطوي على العديد من المخاطر التي تظهر لاحقاً سواءً في شخصية من يتهرَّب من اتخاذ القرار، أو حتى في النتائج التي سوف تترتب لاحقاً على تلك القرارات التي تمَّ اتخاذها من قِبل أشخاصٍ آخرين نيابة عن أصحاب العلاقة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالقرارات الكبيرة والمصيرية التي ترسم بداية طريق النجاح الذي يحلم به كل إنسان،
ونحن هنا لا نتَّهم الأهل والأصدقاء في مدى حبِّهم أو معرفتهم بالشخص الذي يتخذون القرار نيابة عنه، لكننا نتحدَّث عن الفارق الكبير بين دور “تقديم النصح والمشورة”، ودور اتخاذ “القرار الحاسم والنهائي” الذي لا بد أن يتخذه صاحب العلاقة بنفسه لهذه الأسباب:
- النجاح الذي يُبنى على قراراتك الشخصية أكبر ألف مرَّة من ذلك الذي يكون دورك فيه هو اتباع خطوات وقرارات الآخرين نيابة عنك.
- إنك إذا كُنت تملك الآن من يُمكنه أن يُقرر عنك فإنك سوف تفتقر لاحقاً لوجود من يُقرر عنك وعندها سوف تكون أنت نفسك عاجزاً عن اتخاذ القرارات.
- عندما يبدأ موسم الحصاد وتبدأ في جني النتائج لن يكون هنالك أحد سواك ليتحمل نتيجة تلك القرارات لذلك أنت وحدك المسؤول عن تلك القرارات والنتائج..
قاعدة “رفق” لاختيار التخصص الدراسي
نقدِّم لك في ما يلي خطوات التفكير واتخاذ القرار، التي تضمَّن لك في حال إدراكها بشكلٍ جيد وصِدق التوكل على الله في الأخذ بالأسباب، أن يكون القرار الذي سوف تتخذه هو الأصوب بإذن الله.
1- الرغبة
نعم إنها “الرغبة” لكنها ليست رغبة صديق قرَّر أن يدرس الطِب أو قريب يدرس “الهندسة” إنها رغبتك أنت، دون منافسة أو مقارنة مع أحد، إنها الرغبة التي تشعر بها أنت وترضيك أنت أياً كانت تلك الرغبة بعيداً عن الحسد والمقارنة مع الأقرباء والجيران والأصدقاء.
لكل شخص رغبته واختياراته الخاصة، والمُجتمع يحتاج إلى المُبدعين في جميع مجالات الحياة لا إلى الأطباء والمهندسين فحسب، هل يمكنك أن تختار التخصص برغبة خالصة منك بعيداً عن الشعور بالنقص تجاه ما يسمى “كُلِّيَات القمة”.
2- الفُرصة
بعد تحديد الرغبات الشخصية والصادقة، ننتقل إلى القاعدة الثانية وهي “الفرصة” ما هي الرغبة المتاحة، قم بترتيب الرغبات حسب توفر الفرصة لدراسة ذلك التخصص وتحقيق تلك الرغبة، ثم ماهي فرص العمل والإبداع في ذلك المجال
3- القدرة
إذا كنت ترغب بدراسة علم الفضاء وأتيحت لك الفرصة لفعل ذلك ولكنك لا تحب السفر والحياة خارج الدول العربية هنا تصبح قدرتك على دراسة هذا العلم موضع نقاش أيضاً
يُخطئ البعض في التفكير ويقوم باختيار مجال “قادر” على دراسته ولكنه “لا يرغب” فيه، أو أنه يُضطر إلى دخول ذلك المجال بناء على رغبة الأهل ثم إنه يتعثر بعد ذلك ويُعاني صعوبات كبيرة في الدراسة والعمل، ومنهم من يستغل “فرصة” أتيحت له من خلال منحة كبيرة مثلاً ولكنها في مجال لا يرغب به أو غير قادر على العمل فيه فيشعر بعد ذلك بالندم.
كيف تحدد الشغف والرغبة
يجد كثير من الناس صعوبة في تحديد ما يرغبون فيه من مجالات الدراسة لذلك يلجؤون إلى اختيار الفرصة ولكن ذلك يكون سبباً في الضياع وقتل الإبداع، فكيف يُمكن لك أن تحدد الرغبة والشغف في داخلك.
التَعرُّف والتجربة
بعد أن قُمت باجتياز الاختبارات ونجحت في امتحان الثانوية، اسأل نفسك، ما هي معلوماتك عن المجالات المتاحة أمامك؟
كثير من الطلاب والطالبات يكتفون بمعرفة أسماء الاختصاصات وظاهر ما يشير إليه كل اسم، إلَّا أنَّك يجب أن تتعرّف على تلك المجالات وتتحدث مع المختصين فيها وأن تسأل عن كل ما يدور في ذهنك حولها، جرّب ممارسة ما يُمكن ممارسته منها سواء أكان ذلك في البيت مع نفسك وأصدقائك أو في مواقع العمل إن أمكن، لا يمكنك أن ترغب أو لا ترغب بشيء لا تعرف عنه شيئاً، لكنك بعد أن تُجرب وتتعرف على تلك المجالات سوف تشعر بالرغبة والشغف تجاه ما يناسبك منها.
استرجاع الذاكرة
أثناء تعرفك على تلك المجالات سوف تقوم تلقائياً بتذكر ما كنت تقوم به وما كان يأخذ الكثير من وقتك، سوف تتذكر تلك الأشياء التي كنت تُبدع فيها بأقل جهد وكنت تشعر بالسعادة عند ممارستها وسوف يساعدك ذلك في معرفة الشغف والرغبة ويجعلك قادراً على اتخاذ القرار الصحيح الذي يقودك نحو النجاح بإذن الله.