“محمد” شهيد انفجار معهد الأورام.. الإبن الوحيد لوالديه الذي إغتاله الإرهاب.. خرج للعمل بسيارته فلم يعد لوالديه
سكن صغير بالطابق الأرضى، بعقار فى شارع عبد الحميد الأنصارى بحى الوراق، يقيم به “محمد”، شاب في مقتبل العمر عمره 33 عاما، يرافقه في المسكن والديه المسنين، مهمته الوحيدة رعايتهما، بكونه الإبن الوحيد لهما، أمه التى تعانى من المرض بسبب كبر عمرها، تنال اهتمامه البالغ، خاصة في أعقاب اجراءها عملية جراحية فى المفاصل، منعتها من الحركة.
بعد عدة ايام قليلة، كان”محمد” يستعد للاحتفال بعيد ميلاده، الذى يحل فى 16 من شهر أغسطس، وسط أصدقائه، حيث كان ينتظر استقبال التهانى على صفحته الخاصة بموقع “فيسبوك”، كما كان ينتظر عدد التعليقات التى ستنهال على صورته، التى سينشرها، ليعلن بلوغه الـ 34 سنة من عمره.
اعتاد “محمد” العمل على عربة ملاكى، ملك أحد أصدقاء والده، فى توصيل جيرانه، وأهل منطقته، مقابل أجر مادى يتقاضاه، للمساهمة فى الإنفاق على عائلته الصغيرة، خاصة أنه تعرض لسرقة التوك توك الخاص به الذي كان يعمل عليه.
قصة محمد شهيد معهد الاورام
عشية يوم الاحد الماضى، خرج “محمد” بالعربة الملاكى التى يعمل عليها، من منطقة الوراق محل سكنه، متجها جهة حى مصر القديمة بالقاهرة، لقضاء مشواره الأخير، خلال مروره بطريق الكورنيش بالمنيل، وأمام معهد الأورام، حدث تفجير ضخم، طالت الشظايا سيارته، وأخترقت جسده النحيل، ليفارق الحياة.
وصلت أجهزة الأمن، وسيارات الإسعاف، نقلت المصابين والجرحى إلى عدد من المستشفيات، منها معهد ناصر، والقصر العينى، وقد كان جسم “محمد” من المنقولين لمستشفى معهد ناصر، ثم تم تحويله عقب ذاك إلى مشرحة زينهم.
إنفجار معهد الاورام يغتال “محمد”
بعد تناول نبأ الانفجار بوسائل الإعلام، شعر والدا “محمد” بالقلق تجاهه، غريزة الأمومة دفعت أمه لمحاولة الاتصال به، إلا أنها اكتشفت انقطاع الاتصال به، تم الاستعانة بأفراد العائلة، وبدأت عمليات البحث عنه، فتشوا فى المستشفيات، وأقسام الشرطة المحيطة، فلم يعثروا عليه.
مرت الساعات ثقيلة على والدته المريضة، ووالده المسن، أفراد الأسرة يواصلون عملية البحث، حتى أبلغهم أحد الأفراد، أن مصحة معهد ناصر، استقبلت جثة تخص تخص شاب صغير، مواصفاته متاطبقة مع مواصفات “محمد”، أسرعوا إلى المستشفي، فأبلغهم الأطباء أنه تم تحويله إلى مشرحة زينهم، توجهوا إلى المشرحة، سألوا عن جثمان الشاب الذى تم نقله من مستشفى معهد ناصر، وأدلوا بأوصافه، فعثروا عليه، وتعرفوا على جثمانه.
أجرى والده تحليل “دى إن إيه”، للوقوف على حقيقة هويته، بسبب الإصابات التى لحقت به، وأكدت نتيجة التحليل هويته، فأنهوا إجراءات استلام جثمانه، ونقلوه إلى الوراق، أدوا صلاة الجنازة عليه، في حضور مئات من أهالى الوراق، جميع أفراد أسرته، وأصدقائه، وجيرانه، وكل من وصله نبأ استشهاده شارك فى تشييع جنازته، مشهد مهيب، تحاكى عنه أهالى الوراق، ليتم دفن جثمانه بمقابر العائلة، وتظل سيرته العطرة، تحكى عنه، وعن شبابه الذى راح ضحية الإرهاب الغاشم، الذي يسعى إلى هدم الوطن، إلا أن جسد “محمد” وأصدقاؤه سيبقى حائط الصد المنيع في مواجهته.